عزة الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
عزة الاسلام
عِزَّةُ الحاكم المسلم في وقت الحرب وأما عزَّتهم في الحروب فحدث ولا حرج عن الرفعة والمنعة، ففي سنة سبع وثمانين ومائة خَلَعَت الرومُ ملكتهم ريني، ونصَّبوا نِقْفور، فكتب إلى الرشيد كتاباً فيه { هذا الكتاب من نقفور ملكُ الروم إِلى هارون ملك العرب أَما بعد فإِن الملكة التي كانت قبلي أَقَامتْكَ مقامَ الرُخّ وأَقامت نفسها مقام البَيْدَق فحملت إِليك مِنْ أَموالِها، وذلك لضعف النساء وحمقهنّ، فإِذا قرأْتَ كتابي هذا فارْدُدْ ما حصل قبلك وافْتَدِ نفسك، وَإِلاّ فالسيفُ بيننا }فلما قرأَ الرشيدُ الكتابَ اشتدّ غضبُه وخاف جلساؤه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب { من هارون أَميرِ المؤمنين إِلى نِقْفُور كلب الروم، قرأْتُ كتابك يا ابن الكافرة. والجوابُ ما تراه دون ما تسْمعه } ثم قاد جيشه مسرعاً حتى نزل مدينة هِرَقْلَة، وأَوطأَ الروم قهراً وقتلاً وذُلّ نِقْفور وطلب الموادعة على خراج يدفعه فأَجابه، فلمّا عاد الرشيد نقض نِقْفور عهده، فعرف الرشيد وكرّ راجعاً في صقيع الشتاءِ حتى دخل قصره وهزمه شرَّ هزيمة(1)
فالكلُّ كان عزيزاً ولا أحد أعزَّ من أحد فلا يترك الناس حكامهم ينقصونهم، ويذلونهم، ولا يرهبونهم لأنهم يرون أنفسهم على قدم المساوة معهم بعزة دين الله! فكانوا ينصحونهم ويراجعونهم ولا يذلون أنفسهم لهم ولا يتملقونهم من كان أشدَّ الحكام في الإسلام كما نعلم ،عمر رضي الله عنه! فاسمعوا إذاً لما تقلد عمر ولاية المسلمين قال لهم رضي الله عنه: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليذكرني، فقام إليه بلال أو سلمان فقال، لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا؛ فقال، الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا رأي فيّ اعوجاجاً قومني بسيفه(2)
وأثناء حكمه بدأ الناس يغالون في المهور، فأراد عمر أن يرحم المسلمين بأن يحدد المهور؛ فراجعته امرأة في المسجد على الملأ أثناء خطبته وحاججته بكتاب الله، فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر
وأوقفته خوله بنت ثعلبة في الطريق أثناء خلافته، وهى عجوز مسنَّة وهو على حمارٍه، والناس حوله يعجبون من صبره إذ أوقفته طويلاً ووعظته قائلة ،يا عمرُ، قد كنت تدعى عُمَيراً، ثم قيل عمر، ثم قيل أمير المؤمنين، فاتَّقِ اللـه يا عمر، وأطالت واشتدت عليه فسمع كلامها وأنصت ولم تململ حتى انتهت(3)
وسأل رجلٌ عليًّا رضي الله عنه فأجابه، فردَّ الرجل ليس كذلك يا أمير المؤمنين ولكن كذا؛ فقال علىٌ{ أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم }(4)وكان الناس لا يتنازلون عن كرامتهم وعزَّتهم التي أعزَّهم الله بها لأحد ولا حتى الحاكم إن إنتقصهم أو قلل من شأنهم، وخذوا أمثلة{ روى أن عمر رضي الله عنه قال لطليحة ألأسدي قتلت عكاشة فقلبي لا يحبُّك أبداً، قال فما عشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون على البغضاء(4)
أي لا يمنعك ما تعرفه عنى من أن تلقاني بالعشرة الجميلة فلا داع إذاً لقولك أنك تبغضني لأن الناس يتعاشرون بالحسن وفى القلوب ما فيها{ وقال الوليد وهو الخليفة لرجل إني أبغضك، فردَّ الرجل إنما تجزع النساء من فقد المحبة، ولكن عدل وإنصاف يا أمير المؤمنين }(5)،أي أنت وشأنك، لأنه لا يهتم لما تقول إلا النساء، وأنا أذكرك بالعدل والإنصاف، فهما حقي عليك مهما تكرهني
هل رأيتم كيف كان اعتزاز الناس العاديين بكرامتهم وبعزتهم، ولا يتنازلون عنها لحكامهم الأشداء ولا أمرائهم الأقوياء بل بلغ من فقه الحكام لتساويهم في العزَّة والمقام الإنساني مع المحكومين أن عليًّا وهو أمير للمؤمنين غضب من القاضي شريح لمَّا كنَّاه بأبي الحسن ولم يفعل بخصمه وهما في جلسة القضاء فالكل يلزم حدوده ولا يتعداها إلى حدود الغير وحقوقه، والكل يعلم يقيناً أنهم متساوون بعزة الإسلام، لا سواه
وقال ابن أبي الحواري لأبي سليمان إن فلاناً لا يقع من قلبي فقال ولا من قلبي، ولكنا لعلنا أتينا من قبل أنه ليس فينا خير فلسنا نحب الصالحين، أي أنه عاد باللائمة على نفسه ولم يسمع لحديث النفس أو الإشاعات في فلان هذا، بل جبر غيبته، وفضَّل حسن الظنِّ فيه على سوء الظن(6) وهكذا كانت البطانة التي تعين على الخير وتحذِّر من الشَّرِّ
(1)العبر في أخبار من غبر للذهبى
(2)كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني
(3)تفسير اللباب في علوم الكتاب
(4)إحياء علوم الدين
(5)رواه أبو نعيم عن ابن الصواف فى تاريخ دمشق، وورد فى عيون الأخبارومحاورات الأدباء.
(6)محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/data/pdf/Book_Bano_Esraeyel_wawaed_Elakhera.pdf"]منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا[/URL]
فالكلُّ كان عزيزاً ولا أحد أعزَّ من أحد فلا يترك الناس حكامهم ينقصونهم، ويذلونهم، ولا يرهبونهم لأنهم يرون أنفسهم على قدم المساوة معهم بعزة دين الله! فكانوا ينصحونهم ويراجعونهم ولا يذلون أنفسهم لهم ولا يتملقونهم من كان أشدَّ الحكام في الإسلام كما نعلم ،عمر رضي الله عنه! فاسمعوا إذاً لما تقلد عمر ولاية المسلمين قال لهم رضي الله عنه: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليذكرني، فقام إليه بلال أو سلمان فقال، لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا؛ فقال، الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا رأي فيّ اعوجاجاً قومني بسيفه(2)
وأثناء حكمه بدأ الناس يغالون في المهور، فأراد عمر أن يرحم المسلمين بأن يحدد المهور؛ فراجعته امرأة في المسجد على الملأ أثناء خطبته وحاججته بكتاب الله، فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر
وأوقفته خوله بنت ثعلبة في الطريق أثناء خلافته، وهى عجوز مسنَّة وهو على حمارٍه، والناس حوله يعجبون من صبره إذ أوقفته طويلاً ووعظته قائلة ،يا عمرُ، قد كنت تدعى عُمَيراً، ثم قيل عمر، ثم قيل أمير المؤمنين، فاتَّقِ اللـه يا عمر، وأطالت واشتدت عليه فسمع كلامها وأنصت ولم تململ حتى انتهت(3)
وسأل رجلٌ عليًّا رضي الله عنه فأجابه، فردَّ الرجل ليس كذلك يا أمير المؤمنين ولكن كذا؛ فقال علىٌ{ أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم }(4)وكان الناس لا يتنازلون عن كرامتهم وعزَّتهم التي أعزَّهم الله بها لأحد ولا حتى الحاكم إن إنتقصهم أو قلل من شأنهم، وخذوا أمثلة{ روى أن عمر رضي الله عنه قال لطليحة ألأسدي قتلت عكاشة فقلبي لا يحبُّك أبداً، قال فما عشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون على البغضاء(4)
أي لا يمنعك ما تعرفه عنى من أن تلقاني بالعشرة الجميلة فلا داع إذاً لقولك أنك تبغضني لأن الناس يتعاشرون بالحسن وفى القلوب ما فيها{ وقال الوليد وهو الخليفة لرجل إني أبغضك، فردَّ الرجل إنما تجزع النساء من فقد المحبة، ولكن عدل وإنصاف يا أمير المؤمنين }(5)،أي أنت وشأنك، لأنه لا يهتم لما تقول إلا النساء، وأنا أذكرك بالعدل والإنصاف، فهما حقي عليك مهما تكرهني
هل رأيتم كيف كان اعتزاز الناس العاديين بكرامتهم وبعزتهم، ولا يتنازلون عنها لحكامهم الأشداء ولا أمرائهم الأقوياء بل بلغ من فقه الحكام لتساويهم في العزَّة والمقام الإنساني مع المحكومين أن عليًّا وهو أمير للمؤمنين غضب من القاضي شريح لمَّا كنَّاه بأبي الحسن ولم يفعل بخصمه وهما في جلسة القضاء فالكل يلزم حدوده ولا يتعداها إلى حدود الغير وحقوقه، والكل يعلم يقيناً أنهم متساوون بعزة الإسلام، لا سواه
وقال ابن أبي الحواري لأبي سليمان إن فلاناً لا يقع من قلبي فقال ولا من قلبي، ولكنا لعلنا أتينا من قبل أنه ليس فينا خير فلسنا نحب الصالحين، أي أنه عاد باللائمة على نفسه ولم يسمع لحديث النفس أو الإشاعات في فلان هذا، بل جبر غيبته، وفضَّل حسن الظنِّ فيه على سوء الظن(6) وهكذا كانت البطانة التي تعين على الخير وتحذِّر من الشَّرِّ
(1)العبر في أخبار من غبر للذهبى
(2)كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني
(3)تفسير اللباب في علوم الكتاب
(4)إحياء علوم الدين
(5)رواه أبو نعيم عن ابن الصواف فى تاريخ دمشق، وورد فى عيون الأخبارومحاورات الأدباء.
(6)محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/data/pdf/Book_Bano_Esraeyel_wawaed_Elakhera.pdf"]منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا[/URL]
يحيي السيد- عدد المساهمات : 33
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى